استفزّني كثيراً، كما إستفز اللبنانيين جميعاً الكاريكاتير الذي نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» واعتبر لبنان كذبة، مستخدماً علم لبنان!
أولاً - لا نعتب على رسّام الكاريكاتير الذي تفتقت عبقريته عن رسم العلم اللبناني واعتبار دولة لبنان كذبة أول نيسان، فلا شك في أنه جاهل. ولكننا من دون أدنى شك نسجل غضبنا على أسرة تحرير الجريدة التي سمحت بهذا التجاوز الكبير والمرفوض.
ثانياً - إنّ «الشرق الأوسط» هي جريدة لبنانية ايضاً لمن لا يعرف.
ثالثاً - إن صحيفة «الشرق الأوسط» تأسست في لندن في سبعينات القرن الماضي بفريق عمل لبناني كامل مئة في المئة من رئاسة التحرير وإدارة التحرير والمحررين والتقنيين، وموظفي سائر الأقسام بمن فيهم موظفو المطبعة، وأيضاً «الخطّاط» يوم كانت عناوين الصحف تخط يدوياً، وحتى بأوائل وأهمّ رسّامي الكاريكاتير ... اللبنانيين.
رابعاً - إنّ صحيفة «الشرق الأوسط» (وهي ما هي وما لها من أهمية في عالم الصحافة) لا يجوز أن يفوتها أنّ هذا الوطن الصغير المغلوب على أمره، هو أيضاً وطن الحريات التي يحسده عليها اخوانه العرب. وهو الوطن الذي علّم معظم البلدان العربية الصحافة، والكتابة... وهو كان جامعة العرب، ومكتبة العرب، ودار نشر العرب، وصحيفة العرب، ومنتجع العرب، ومدرسة العرب، والواحة الديموقراطية الوحيدة في هذه الأمة (الخ...) وقد يكون مفهوماً (وإن غير مقبول) أن يتناسى العرب أو بعضهم، هذه الحقيقة ولكنه ليس مفهوماً ولا مقبولاً ولا مستساغاً أن تنساها «الشرق الأوسط».
خامساً - إن دولة لبنان هي التي نالت الإستقلال لهذا البلد قبل مئات البلدان في المنطقة والعالم بما فيها تلك التي لا يتجاوز سكان لبنان عدد سكان شارع واحد من شوارع مدنها.
نحن لا نسأل الزملاء العرب العاملين في «الشرق الأوسط»، خليجيين وغير خليجيين، عن مواقفهم من هذه النكتة السمجة التي فيها من ثقل الدم أكثر ما فيها من الجهل الفاضح بل نسأل الزملاء اللبنانيين العاملين فيها.
وسقى اللّه زمناً كانت الناس فيه تعرف الإنصاف وتقر بالحقائق. ولعل قول الشاعر الجاهلي معن بن أوس المزني الذي أدرك الإسلام وأسلم وهو من صحابة النبي العربي (صلعم) كان يستقرىء هذا الزمن عندما قال:
«وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني».
(ملاحظة:.. وأما رد الفعل الهمجي الذي إستهدف مكاتب «الشرق الأوسط» في بيروت فهو مرفوض ومدان من دون أي تحفظ... وندعو الى محاكمة الذين نفذوه ومَن دفعهم أيضاً إذا كان ثمة من حرّض).